NKRISLOT : SITUS SLOT777 WEBSITE PENCETAK REKOR KEMENANGAN TERBESAR 2025
NKRISLOT : Situs Slot Online Gacor & Slot777 Situs Gampang Menang Hari Ini
nkrislot
pakde4d
pakde4d
PAKDE4D : Situs Togel Online Hk Lotto Result Angka Togel Hk Paling Akurat
PAKDE4D
ثقافة

القراءة قبل الحرب وبعدها

القراءة قبل الحرب وبعدها


بقلم: لبنى منير ديب – محامية وباحثة حقوقية

القراءة قبل الحرب
في صباحٍ باردٍ دافئ، أمام طاولتي البيضاء الممتلئة بالصور والكتابات الأدبية التي تنبض برائحة الحياة، أفتح كتابًا لأرسطو، لأغوص في فلسفة الحياة ومنهج الكاتب القديم. إن أردت المتعة، فلا أجد أجمل من رواية لد. خولة حمدي. أما إذا أردت تحفيز عقلي، أهرب إلى ألغاز أجاثا كريستي. وللحب وهدوء الرحلة، أحتضن كتب أدهم شرقاوي. كنت ألمس الكتاب، أشم عطر يديّ على غلافه، وأحتفظ باقتباس يومي، أشعر وكأن الكتب علم حر ينطلق بأفكاري نحو آفاق لا حدود لها.

زمن القراءة
كان صباحي الباكر يبدأ مع كوب شاي محمر وصوت ماجدة الرومي، لأقرأ أشعار الرومي الروحية وأتعمق في تفاصيل محمود مصطفى. وفي المساء، أجد نفسي أمام قلب ماركيز وشعلة عاشقيه. أما في الليالي الممطرة، كنت أسهر على أنغام المطر لأغرق في نهاية رواية البؤساء. لم يكن لزمان القراءة وقت محدد، بل كان ينساب وفق مزاجي وحبّي للكتاب. كانت القراءة ونيس اللحظات الجياشة، رفيقة المشاعر المتأججة، أهرب إليها لتعيد ترتيب عالمي الداخلي.

القراءة بعد الحرب
هنا يجب تقسيم القراءة إلى مراحل، فكل مرحلة من مراحل الحرب حملت طبيعة مختلفة عن الأخرى.

مرحلة ما قبل النزوح
تحوّل بيتي إلى مكانٍ هادئٍ بشكل مرعب. مكتبي، الذي كان يحتل زاوية أسفل النافذة، صار صعب المنال خوفًا من تطاير شظايا الزجاج. كنت أحضن كتابي بحزن، أبحث عن زاوية تحتضننا معًا بعيدًا عن ضجيج الأطفال وحديث الكبار. وبينما كنت أحاول التركيز في القراءة، كان صوت الطائرات المسيرة والانفجارات يعيدني إلى واقع الحرب. القراءة في هذه الفترة كانت محاولة مقاومة للخوف، وكنت أتمكن أحيانًا من إنهاء كتاب كامل رغم الشتات والضغوط.

خلال هذه الفترة قرأت عن مواضيع لم أقترب منها من قبل، كالصوفية وشمس التبريزي، والانقسام السياسي في غزة. تمكنت من إنهاء 15 كتابًا خلال خمسة أشهر، رغم صعوبة الظروف.

مرحلة النزوح
ترك رف كتبي خلفي كان كترك روحي. شعرت بأنني أودعت جزءًا من حياتي للصهاينة ليحرقوه بنيران حقدهم. خلال فترة الترحال، كان الكتاب الإلكتروني ملاذي الوحيد، رغم إزعاج ضوء الشاشة وخوف انقطاع البطارية. كنت أقرأ بصمت في لحظات نادرة من الهدوء، محاطة بحرارة الخيام وصوت الزنانة والذباب المزعج.

المكتبات التي زرتها كانت خالية من الكتب الحقيقية. ومع ذلك، كنت أبحث عن الكتب الإلكترونية وأحاول الحصول عليها عبر الأصدقاء، الذين كانوا يحمّلونها لي أو ينقلونها عبر البلوتوث.

مرحلة ما بعد الاستقرار
الاستقرار النسبي أعاد لي حيوية السطور. رغم أن المكان كان موترًا بسبب أصوات المدفعية، إلا أنني شعرت أن الأصعب قد مضى. القراءة هنا كانت متنفسًا يعيد لي بعض التوازن، لكنها لا تخلو من التشتت الذي فرضته الظروف.

النتاج الثقافي
العقل، كالمصفاة، يحتاج إلى صفاء لينتج أفكارًا نقية. عندما كنت أجد صعوبة في متابعة الكتب، كنت ألجأ إلى المقالات والاقتباسات في القنوات المضافة على هاتفي. كنت أجد فيها شغفًا جديدًا يعيدني إلى القراءة.

القراءة في ظل هذه الظروف الصعبة كانت فعل مقاومة، محاولة للحفاظ على شيء من ذاتي وسط عالم موحش لا أدرك نهايته.

زر الذهاب إلى الأعلى