الموت الأنيق…رمز صبر وقوة المرأة الفلسطينية

بقلم : منار السماك-شاعرة وكاتبة بحرينية
في زمن تعلو فيه أصوات الحروب والاحتلال على همسات الحياة تظهر قصص تختصر معاناة شعب بأكمله وتبرز بطولات النساء اللواتي يحملن الوطن في صدورهن بقوة وعزيمة لا تلين. مجموعة نجلاء حسون القصصية التي تحمل عنوان الموت الأنيق ليست مجرد حكايات عن الموت بل هي ملاحم عن كيف يختار الإنسان أن يعيش ويموت بشرف وكيف تصنع المرأة الفلسطينية من الألم مصدر قوة وعطاء لا ينضب.
قصة الدرس الأول جوهر المجموعة
تُعد هذه القصة مفتاحًا لفهم جوهر المجموعة إذ تقدم صورة حية ومؤثرة عن امرأة فلسطينية (فاطمة أم نضال) عاشت معاناة فقد زوجها في المقاومة ثم كرست حياتها لتربية أبنائها على نفس الطريق حين أنجبت طفلها الأول رفض والده أن يعطيه اسمًا يدل على الفرح أو الأمل السهل واختار أسم يحمل معنى النضال والقتال لأن الأطفال في وطنه يولدون للشهادة والفداء نضال الطبيب الشاب يحمل حلم الحياة لكنه يؤجل فرحه متبعًا خطى والده في المقاومة.
وأحمد المهندس والفنان يشارك بدوره في نفس الطريق في ليلة وداع مؤثرة يقول نضال إلى أمه صبرك ودعاؤك يا حبيبتي هما ما أحتاجه هذه الليلة كوني فخورة بأنك قدمتِ ولدك فداءً للوطن.
تتمسك الأم بقوة وصبر حتى بعد تنفيذ نضال لعمليته الاستشهادية حيث لم ينته الحزن بموته بل اقتحم الاحتلال منزلها، وقتل أحمد أمام عينيها لكنها تنهض من جديد تتمسك بالعزيمة وهي مرتديه الحزام الناسف الذي ألبسها اياه ابنها أحمد ليدربها عليه قبل اقتحام الجنود وقتله وتختار موتها الأنيق:زغردت ثم صمتت وهمست جاء دوري هذه اللحظة تتجاوز الألم لتصبح رسالة صمود موتًا يليق بالبطولة الأمومية.
صبر وقوة المرأة الفلسطينية في القصة
في الدرس الأول صورة مشعة عن صبر وقوة المرأة الفلسطينية؛ رمز العطاء والتضحية المرأة هنا ليست ضحية فقط بل بطلة تصنع من ألمها إرادة حياة وصمودًا مستمرًا تحتضن الفداء في أبنائها وتزرع النضال في وجدانها. صبرها ليس استسلامًا بل صمودٌ مفعم بالإرادة والكرامة تشارك في المقاومة بكل أشكالها وتثبت أن البطولة ليست فقط في ساحات القتال بل في القلب الذي لا ينكسر.
العلاقة بين قصة الدرس الأول والموت الأنيق رغم أن انها ليست عنوان المجموعة إلا أن مضمونها وأحداثها تجسد معنى الموت الأنيق بوضوح.
الموت في القصة ليس نهاية مأساوية بل هو خيار شرف وكرامة موت تختاره المرأة الفلسطينية لتكون فدائية لوطنها وبطلة إنسانية تحمل رسالة أعمق من مجرد النهاية. القصة تؤكد أن الموت يصبح مقاومة أن تضيء روحًا وسط الظلام، وأن تختار المرأة الموت بشرف لتبقى روحها حية رمزًا لصمود شعب بأكمله.
أخيراً
تقدم قصة الدرس الأول نموذجًا حيًا للمرأة الفلسطينية رمز الصبر والقوة التي تتحمل الفقد مرارًا لكنها لا تنهار إنها قصة صمت ولغة دموع لكنها في الوقت نفسه بيان تحدي لا يلين مجموعة الموت الأنيق ليست فقط عن الموت بل عن حياة تُنتزع رغم القسوة كرامة تُختار وسط الخراب ونساء يكتبن التاريخ بصبرهن وصمودهن الموت الأنيق هو موت يليق ببطلة وقفت في وجه النار برغم كل شيء.