NKRISLOT : SITUS SLOT777 WEBSITE PENCETAK REKOR KEMENANGAN TERBESAR 2025
NKRISLOT : Situs Slot Online Gacor & Slot777 Situs Gampang Menang Hari Ini
nkrislot
pakde4d
pakde4d
PAKDE4D : Situs Togel Online Hk Lotto Result Angka Togel Hk Paling Akurat
PAKDE4D
مقالات

“أقفر المكان… وامتلأ المعنى”الحلقة الثانية والعشرون من “ماء الكلام”يكتبها وليد الخطيب

قالت العرب: “قَفَرَ المكانُ” إذا خلا ويَبِس. من هنا جاءت كلمة القَفْر بمعنى الأرض الخالية الجرداء، التي لا ماء فيها ولا نبات ولا يعيش فيها إنسان ولا حيوان. ومنها اشتُقّت القِفار: مفازات لا يُرتجى فيها ظلّ ولا زاد.
لكن، هل خطر في بال أحد أنّ هذا الجذر نفسه – “ق ف ر” – أنجب معاني قد تبدو متناقضة، تجمع بين الخلاء والملء، بين القسوة والكرم؟
فمنه جاء التَّقْفير، أي جعل المكان قفرًا، يعني تفريغه، وهذه صورة من صور الإفقار المقصود. لكن من الجذر نفسه جاء الفعل قَفَرَ الضيفَ، ومعناه: أكرمهُ وأطعمَه وأوسع له في المكان! يُذكَر أنّ ثمّة صلة بين الفقر والقفر، حيث إن الاثنين يدلّان على النقص، وإن اختلف ترتيب الحروف فيهما.
عجيب، كيف يكون الجذر الواحد دالًّا على الإخلاء والإكرام؟! هل ثمة لغز في هذه المفارقة؟

الجواب في نُبل البادية وشرف القِرى. فأهل البادية كانوا إذا نزل بهم ضيف، قَفَروا له ما حولهم من الأرض، أي أخلَوها له، ليشعر أنه في ملكه. وكانوا يذبحون الذبيحة ويُخْلون موضع النار والسَمر له، ويجعلون له الماء والزاد في متناوله، كأنهم أَفقروا أنفسهم ليغنوه. فصار التَّقْفير بهذا المعنى نوعًا من الكرم، لا الفقر.
ثم فلنتأمّل كيف أن القَفْر هو الفراغ، لكنّه في الشعر العربي موضع للوصف، للحنين، للذكرى، للحضور عبر الغياب، إذ ورد في الشعر:
أقفرتِ الدارُ، فهل من ناظر؟…

فالقفر ليس فراغًا فحسب، بل إعلانٌ عن امتلاء سابق أيضًا، وشهادة على وجودٍ كان.
ثم تأتي كلمة قَفْرة – وهي الشدّة والمِحْنة – لتزيد المفارقة دلالةً، إذ تُشير إلى حال من الشظف، لكنها دافع للتماسك والتعاون أيضًا، للكرم عند القلّة، وللصبر عند الجوع.
وفي الجذر “ق ف ر” أيضًا: القطع، فيقال: “قَفَرَ أثره”، أي قطعه. وبهذا المعنى، فإن القفر يفصل، ويقطع الامتداد، لكنه أيضًا يعلن بداية مرحلة جديدة.
فأين نحن من هذا الجذر؟
نحن بين يديه، نستقي منه ماء الكلام، لنقول: إن الكلمة قد تكون صحراء ظاهرًا، لكنّ في رملها نبعًا خفيًّا، لا يراه إلا العابر بشغف.
أليست العربية بهية حتى في صمت القفار؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى