بعض الأحذية أخطر من القنابل

بقلم: منار السماك-كاتبة وشاعرة بحرينية(فريق البوصلة)
لم يكن فيه شيء مميز.. حذاء صغير، قديم، ممزق عند الأصبع، مرمي تحت السرير في بيت فقد أبوابه، وصوره العائلية، وجزء من السقف. كان الشيء الوحيد الذي لم يبكِ، ولم ينكسر، ولم يغادر. الحذاء لطفل استُشهد قبل عامين، طفل لم يتجاوز العشر سنوات، كانت أمه تلبسه إياه وتقول له:
– اركض لا تخف احفظ الطريق جيدًا يا قلبي.
ركض الطفل ذات صباح، وواجه دبابة لا بحجر، ولا بندقية، بل بعينين مفتوحتين، وقلب يعرف أن الظلم جبان. استُشهد في المكان، وبقي الحذاء.
لا أحد فكر أن يأخذه، فالأشياء التي تعلقت بالدم تُترك في مكانها.
لكن الحذاء بقي يُطل كل يوم من تحت السرير، كأنه يسأل:
– هل سيرتديه أحد غيره؟
– هل ستعود تلك القدمان يومًا؟
– هل الطريق إلى الوطن طويلة لهذه الدرجة؟
في يوم داهم فيه الجنود البيت لم يجدوا سلاحًا، ولا علمًا، ولا حتى كوفية، لكن أحدهم توقف عند الحذاء، تجمد ثم سأل زميله:
-ما هذا؟
فقال الآخر:
– لا تلمسه
بعض الأحذية أخطر من القنابل،
هذا الحذاء خاض أكثر مما خضنا نحن
الحذاء لم يكن غير شاهد ذاكرة ؛وطن صغير ارتداه طفل في طريقه إلى الخلود. الأم لا تزال تحتفظ به، تمسحه كل ليلة، وتهمس له:
-سأتركه هنا، كما هو
لأن من يشبهك، سيأتي يومًا ليكمل الركض من حيث توقفت.


