شفيق التلولي يكتب: ما لا يدركه نتنياهو

ما لا يدركه نتنياهو
د. شفيق التلولي – كاتب سياسي وعضو المجلس الوطني
يدرك نتنياهو أنه حقق أهدافه بتدمير بنية قطاع غزة فضلا عن إزهاق أرواح عشرات آلاف الفلسطينيين وجرح واعتقال الآلاف، كما يدرك تقويض قدرات حمlس وردعها وفرض وقائع ا.حتلا.لية على أرض قطاع غزة.
كذلك يدرك نتنياهو أيضا رغبة حمlس الجامحة بالبقاء في الحكم على أنقاض القطاع المكلوم والمثخن بالجراح، حيث يرزح بين حدي سيف الا.حتلا.ل الذي يقتل ويجوع مواطنيه بلا رحمة وبين ارتهان حمlس لهم بالأمر الواقع.
كما يعي نتنياهو خطورة عودة السلطة الفلسطينية لتولي زمام الحكم في قطاع غزة وتداعيات ما يترتب على ذلك من استحقاق سياسي يضعه أمام مسار قانوني يحول دون استمرار ا.حتلا.له لقطاع غزة باعتبار أنه يصبح بذلك دولة تحتل دولة أخرى إذا ما صار القطاع تحت السيادة الفلسطينية، مما يدفع باتجاه إعادة إحياء مسار العملية السياسية وفق حل الدولتين الذي رفضه ويرفضه نتنياهو وحكومته التي تسعى لإقامة الدولة اليهودية ذات القومية الواحدة.
هذا ما يعطي نتنياهو الاستمرار في شراء الوقت وكسب ما تبقى من أيام لولاية بايدن المنتهية لفرض مزيد من الوقائع وابتزاز حمlس وجرها لصفقة مجانية كما يريد تحت حاجتها للبقاء حتى في ظل الا.حتلا.ل بشرط سلامة رؤوس قادتها على أمل رحيل الا.حتلا.ل فيما بعد، بالتالي يخرج من بين فكي كماشة الضغطين الإسرائيلي الداخلي والدولي الخارجي بخاصة ضغط ترامب صاحب الولاية الأمريكية الجديدة، إذ يسعى لمنحه هدية تلك الصفقة أملا في أن يطلق له اليد لضم الضفة الغربية.
أمام ذلك تأبى حمlس أن تتنازل عن حكم قطاع غزة وتسليمه للسلطة الفلسطينية صاحبة الولاية القانونية على الأرض الفلسطينية بما فيها القطاع، وتعطي نتنياهو ورقة رابحة لاستمرار احتلاله لقطاع غزة لاستبعاده السلطة الفلسطينية الهدف الأساس لنتنياهو والخشية القانونية التي تحول دون تحقيق أهدافه الجيواستراتيجية.
من جهة أخرى فإن نتنياهو لم يمنح حمlس شرط إنهاء الحرب أو وقفها مستقبلا كي لا يقع في حبائل سابع من أكتوبر أخرى، دون أن يقضي كليا على حمlس ويفتح بابا لمرور للسطلة الفلسطينية التي ترفض هذا الأسلوب وتأبى إلا أن تمر إلى قطاع غزة عبر البوابة الدولية كصاحبة حق قانوني لا يمن عليها فيه نتنياهو.
تبقى الكلمة الفصل في ذلك هي المرحلة المقبلة أي المرحلة التي تلي المرحلة الأولى من الصفقة المفترضة وما تحمله من تفاصيل وإحداثيات وصولا لليوم التالي من الحرب، حيث يكون قد تسلم ترامب مفاتيح البيت الأبيض في ظل اختلاط الأوراق وارتباك الإقليم وتوتر العالم وما ينتظره على مائدة البيت الأبيض من ملفات ساخنة شديدة الحساسية.
ذلك يوجب على حمlس التقاط اللحظة وتفويت الفرصة على نتنياهو ونزع الذرائع من يده منعا لتحقيق أهدافه العدوانية وتسليم مفاتيح قطاع غزة فورا للسلطة الفلسطينية التي بدورها يجب أن تستمر في سعيها من خلال الإطار العربي وفق ما قررته العرب في قمة الرياض وما واكب ذلك من قبل ومن بعد من حراك عربي وفلسطيني نحو المجتمع الدولي لإنهاء الحرب والا.حتلا.ل بأشكاله كلها؛ لعلها تدرك ما لا يدركه نتنياهو.


