تراث من عبق التراب: د. ترابين يوصل الحكاية إلى العالم

تراث من عبق التراب: د. ترابين يوصل الحكاية إلى العالم
حاوره: د. منصور أبو كريّم
حول دوره في إنشاء أكاديمية علم المتاحف الفلسطيني والعربي في باريس وإعادة تأسيس متحف تراث من عبق التراب الذي أسس في جنوب فلسطين عام 1790 ميلادي.
يطرح الدكتور متحف أستاذ التراث في جامعة السوربون الفرنسية، الذي يعتبر مطور المفهوم الأكاديمي (علم المتاحف الفلسطيني) في القارة الأوروبية الأسيوية، سؤال الذات الفلسطينية في أوروبا ليس للتشكيك فيها، بل للبحث عن أفضل الطرق والوسائل لعزيزها في المجتمعات الأوروبية، ويرى أن هناك العديد من الأدوات والأساليب التي يمكن من خلال تأكيد الذات الفلسطينية في المجتمعات الغربية من خلال استخدام التراث المادي والمعنوي كارث حقيقي للشعب الفلسطيني، يمكن تسخيره وتعزيزه في مواجهة محاولا تغيب الوجود الفلسطيني.
ويرى أن هذا الدور ليس محصورًا على المؤسسات الفلسطينية الرسمية بل هي مهمة الجميع، المؤسسات الأفراد المثقفون والعلماء، من خلال تسخير الإمكانية المتاحة لتعزيز السردية الفلسطينية الغنية بنقل المعرفة والعلم الى العالم. في محاولة للتثبيت الذات والهوية الفلسطينية في القارة الأوروبية وخاصة التركيز في التراث المسيحي المشترك بين شعوب القارة والشعب الفلسطيني سواء من خلال الاتجاهات أرثوذوكسية او الكاثوليكية أوالبروتستانتية.
لقد عمل الدكتور “متحف” على البحث و اكتشاف و تثبيت الذات الفلسطينية في روسيا وفرنسا وسويسرا من خلال جولاته للعديد من جامعات هذه الدول، من خلال سؤاله عن الذات الفلسطينية، وكيف يمكن تثبيتها من خلال التراث المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني المتواجد في هذه الدول في اطار نشر المفهوم الاكاديمي الذي قام بتطويره والمسمى ب علم المتاحف الفلسطيني وبناء على هذه الإنجازات تم اعتماد دكتور متحف عايد ترابين كممثل للقارة الأوربية للاتحاد العام للمؤرخين الآثاريين في فلسطين منذ عام 2024 وأيضا للتثبيت الذات والهوية الفلسطينية في القارة اسيا في الشرق الأدنى وكانت البداية من خلال اليابان عن طرق استكشاف التراث المشترك والذي شع نوره منذ انشاء طرق التجارة والمعرفة العلمية، واهمها طريق الحرير المشهور حتى اكتشاف الكثير من المقتنيات التراثية الفلسطينية في المتاحف اليابانية حاليا في إطار نشر المفهوم الأكاديمي الذي قام بتطويره والمسمى ب علم المتاحف الفلسطيني.
لقد سعى للاستفادة من التراث الفلسطيني المتواجد في هذه الدول للتأكيد على الذات الفلسطينية، وزيادة الوعي فيها لدى الفلسطينيين المتواجدين في هذه الدول، ثم لباقي شعوب هذه الدول ، وعمل على تكوين وإنشاء أول مؤسسة أكاديمية فلسطينية وعربية في علم المتاحف تحت أسم ( أكاديمية علم المتاحف الفلسطيني والعربي)، لكي تكون امتداد لمتحف (تراث من عبق التراب) الذي أسسه أجداده في جنوب فلسطين في عام 1790 م، والذي جاء في تلك الفترة لكي يقدم حلول اجتماعية وثقافية للبدو سكان جنوب فلسطين، حيث شمل المتحف على محتويات من التراث البدوي والحضاري لسكان جنوب فلسطين.
في حديث مع الاتحاد العام للمؤرخين قال: بعد سنوات من الدراسة والبحث في علم المتاحف، استطعت الجمع بين الشغف الأكاديمي والرغبة العميقة في الحفاظ على تراثنا وإرثنا، قررت أن أؤسس اكاديمية ومتحف للتراث الفلسطيني والعربي في باريس، المدينة التي أصبحت موطنًا للكثيرين من أبناء فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط. وعن اختيار هذه المدينة العالمية تحديدًا قال “لأنها كانت ولا تزال مركزًا للثقافة والفن، وقادرة على استيعاب التنوع الثقافي، ولأنها ستمنح الأكاديمية و المتحف فرصة للظهور على الساحة الدولية” وتم اختيار هذه المدينة من طرف اخر مديرة للمتحف الذي أسسته القبيلة في بير السبع في قرية غزالة جدتي الدكتوراه حليمة عايد ترابين التي درست علم الجراحة في اسطنبول بين عام 1910 حتى 1916 باللغة الفرنسية، وخلال دراستها واكتشفت أهمية اكتشاف الذات الفلسطينية في أوروبا، ومنذ ذلك الوقت وهي تحاول اختيار الشخص المناسب ليتخصص في علم المتاحف في الجامعات الأوروبية وينشأ أكاديمية ومتحف للتراث الفلسطيني في باريس وقد وقع القدر على حفيدها الدكتور “متحف عايد ترابين”
وعن موجودات المتحف؟ وهل هو مفتوح أمام السياح حاليا؟ قال د. ترابين: في هذا المتحف، يمكن للزوار أن يلمسوا تاريخًا حيًا، ليس فقط من خلال الأدوات والمقتنيات القديمة، بل من خلال الوثائق والموجودات وأيضا الطاقة التي تنبض في كل قطعة، ومن خلال ما تحمله هذه القطع من معاني ورسائل. لدينا العديد من وثائق وشواهد الإرث التراثي، من أثواب وتطريز يبلغ عددها ما يقارب 250 ثوب فلسطيني من مناطق مختلفة، والمجوهرات التراثية والأدوات الطبية الشعبية والطوابع والنقود والأوراق المالية واللوحات الفنية. وأضاف هذه الرحلة ليست رحلة في الزمن فحسب، بل هي أيضًا رحلة داخل قلب الإنسان الفلسطيني الذي يحمل همّ الحفاظ على تراثه وأصالته في وجه تحديات العصر.
حول الرؤية الأهداف قال: “أهدافي هي تطوير أكاديمية علم المتاحف الفلسطيني والعربي، وهي مركز أبحاث مقره باريس دائرة رقم 8 ويبعد 5 دقائق عن متحف اللوفر يضم متحفًا للقطع الإثنوغرافية الفلسطينية قبل عام 1948، ودار نشر، ومكتبة تضم أكثر من 1000 كتاب، وأرشيفات من القرن السابع عشر إلى القرن الحادي والعشرين وازياء شعبية وحلي ونقود وطوابع واعشاب وبذور طبية”. منذ عام 2000، أعمل على الاعتراف بعلم المتاحف الفلسطيني كمفهوم أكاديمي وعلمي، يدمج علم المتاحف العام. إنه يعكس السياق الفريد لفلسطين وهو علم تأسس منذ عام 1790 على يد الدكتورة حاكمة عايد ترابين ضمن عملية الحفاظ على صحة الجسد مع التوازي بالحفاظ على صحة الذاكرة والهوية، مما يمكّن الفلسطينيين من التعبير عن هوياتهم المتنوعة وتشكيلها. وانطلاقًا من رؤية عائلية مؤسساتية تركز على أهداف طويلة المدى للتفاهم المتبادل والسلام وتعزيز العلاقات الوثيقة بين الشعوب، فإن هدفي النهائي هو حماية التراث الفلسطيني كجزء لا يتجزأ من التراث الإنساني بأكمله. كما أهدف إلى المساهمة في المهمة الضخمة المتمثلة في إلهام الأجيال العالمية الجديدة المتعطشة للمعرفة والثقافة، مما يمهد الطريق للسلام الدولي.