تقارير

“بيت ستي”.. مطعم يعبق تاريخاً في غزة

“بيت ستي”.. مطعم يعبق تاريخا في غزة

غزة- نعيمة صبرة

عبر زقاق ضيق بمدينة غزة القديمة، يصل الزائرون إلى مطعم “بيت ستي”، وهو منزل يعود إنشاؤه لما قبل نحو 430 عاما، حوّله أصحابه إلى مطعم أثري مع محافظتهم على مرافقه الأساسية وخصوصية مكوناته الأثرية

وتظهر ملامح المطعم الأثرية من مدخله، فبابه مبني محيطه من أحجار قديمة بارتفاع منخفض مقوس أعلاه، يتبعه دهليز صغير معتم إلا من إضاءة فانوس أضيف إليه مؤخرا، وصولا إلى أرض الديار، وهي فناء غير مسقوف وسط المنزل مزروع فيه بعض أشجار الزينة والنباتات المتسلقة على الجدران.

وتتزين أرض الديار ببحرة ثمانية الشكل وسطها نافورة ماء متدفق، وتتوزع حولها طاولات نحاسية بمقاعد خشبية خصصت لمرتادي المطعم، وليس بعيدا بئر تجميع مياه الأموتشرف أرض الديار على قاعات المطعم الثماني بالطابقين الأرضي والأول، ومكوناته المكتظة بمعالم العمارة العثمانية المتأثرة بالطراز المملوكي، خصوصا الإيوان المقوس السقف المغلق الجدران من ثلاث جوانب، بينما الجهة الشمالية مفتوحة بالكامل وتطل على الفناء عبر عمودين.

وتتميز جلسة الإيوان بمقاعد ثابتة فرشت ببسط تقليدية، وأنيرت ببعض المصابيح الباعثة على الهدوء والسكينة، ومن نافذتها الشرقية تطل على قاعة أصغر مقوسة السقف والجدران، استخدم تجويف حوائها المسمى باليوك كأرف لتوزيع الكتب التاريخية، بدلا من استخدامها التقليدي قديما لترتيب الأغطية والفرش وبعض المستلزمات. طار تقابله “المزيرة” وهي حفرة بالجدران لتخزين المياه.

وعلى ذات المنوال من المظاهر الأثرية نسجت خيوط هذا المطعم، كالغرفة الوسطانية والعلّية (الطابق الأول) المرتبطة بـ “سلملك” (درج داخلي) إضافة للنوافذ المستطيلة ذات الأعمدة الحديدية المتقاطعة، والجدران الخشنة البارزة حدود حجارتها جراء استخدام مادة “الكحلة” الأقرب للصفرة.

وبالتوازي مع ملامح عظمة العمارة الإسلامية المنبعثة من مكونات المطعم الإنشائية، فإن محتوياته الأخرى يفوح منها عبق التاريخ، كالسرج والتماثيل والنحاسيات والخشبيات وووسط هذه الأجواء الجامعة بين الطابعين الأثري والتراثي، يستقبل صاحب المطعم عاطف سلامة مهنئيه وزبائنه بحفاوة كبيرة، وهو يستشعر عظم الإنجاز المتحقق بالحفاظ على معلم تاريخي فلسطيني من العبث والاندثار، كجزء من معركة المواجهة مع الاحتلال، وفق وصفه.

 

زر الذهاب إلى الأعلى