رئيس التحرير يكتب: المقاطعة الاقتصادية سلاح الشعب

حصار التجويع ومواجهة الاحتكار: المقاطعة الاقتصادية سلاح الشعب
كتب: جواد العقَّاد – كاتب ورئيس تحرير صحيفة اليمامة الجديدة
ثورة الجياع: احتجاجات الشارع ضد الأسعار الجنونية الاحتكار وجشع التجار: تجارة على حساب معاناة الشعب.
سياسة المقاطعة: وسيلة فعّالة تعيد التوازن في الأسواق.
دعوة للمقاطعة: قوة الشعب في مواجهة من يطعنه من الداخل.
في ظل الحرب الشرسة التي يعاني منها شعبنا الفلسطيني في غزة منذ أكثر من عام، باتت لقمة العيش إحدى الجبهات الأساسية للصراع. هذا الشعب الصامد الباسل الذي يواجه يومياً ويلات الحرب والحصار والتشريد، أصبح اليوم يقاتل أيضاً من أجل تأمين قوته اليومي، في حرب تجويع تتشارك فيها قوى الاحتلال وأصحاب المصالح من التجار الجشعين. هؤلاء التجار، الذين لم يروا في معاناة الناس إلا فرصة للاستثمار وتحقيق الأرباح الطائلة، يستغلون شح المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية لفرض أسعار خيالية، متجاهلين الوضع الكارثي الذي يعيش فيه أبناء هذا الوطن.
مع ازدياد حدة الأزمة، بدأ شعبنا يدرك أن الصمت لم يعد خياراً، وأن حقوقه تُنتزع بيده، إذ شهدت شوارع غزة احتجاجات سلمية، أغلق فيها المواطنون الأسواق وعبّروا عن رفضهم للأسعار الجنونية وشح السلع الأساسية. هذه الحركات الاحتجاجية تمثل بداية لاستيقاظ وعي جماعي نحو ضرورة التصدي لاحتكار كبار التجار، هؤلاء “الأقزام” أمام عظمة الشعب وتضحياته. فالسياسات التي يتبنونها بالتعاون مع بعض الأطراف المستفيدة، تُحكم الحصار الاقتصادي علينا، وتُضيف أعباء جديدة في ظل ظروف قاهرة.
وهنا، يظهر سلاح المقاطعة الاقتصادية وسيلة فعّالة لمواجهة هذا التجويع الممنهج، فإن سياسة المقاطعة ليست سلاحاً دفاعياً بيد شعبنا فحسب، بل وسيلة مجربة عالمياً لتحقيق العدالة الاقتصادية وضمان حقوق المستهلكين. ومقاطعة التجار المحتكرين والرافضين للتضامن مع أبناء شعبهم في محنته ستعيد التوازن إلى الأسواق، وتجبرهم على إعادة النظر في سياساتهم الجشعة، حيث يشعرون بأن الشعب قادر على الوقوف في وجه استغلالهم.
لقد طالبت في مقال سابق، بعنوان “غزة في مواجهة مصيرها المجهول وفساد الطابور الخامس”، بأهمية محاسبة هؤلاء المتاجرين بمعاناة الناس. فالتجار المحتكرون الذين يواصلون تحقيق مكاسبهم على حساب حياة الشعب ومعاناته، يرتكبون جريمة مزدوجة. فهم لا يكتفون باستغلال الأزمة، بل يسهمون عن سبق إصرار في زيادة معاناة الشعب وإطالة أمد الأزمة الاقتصادية. هذه الجرائم، في أصعب حرب يشهدها تاريخنا المعاصر، لن تمر دون عقاب. شعبنا الذي ظل صامداً في مواجهة الموت والحرب وظروفها، لن يرحم من يطعنه في ظهره من الداخل.
المقاطعة الاقتصادية ليست رد فعل عشوائي، بل هي خطوة واعية ومنظمة تمثل سلاحاً مؤثراً في يد الشعب الفلسطيني، ليعلن من خلالها رفضه للظلم والقهر الاقتصادي. علينا أن ندرك أن المقاطعة ستؤدي إلى نتائج ملموسة، إذ ستجبر هؤلاء التجار المحتكرين على إعادة حساباتهم، وستحمل رسالة قوية بأن الشعب لن يقبل بأي محاولة لتجويعه أو استغلاله.إلى كل من يعاني من قسوة الجوع في هذه الأرض الطاهرة، أقول: لا تستسلموا للقهر، وثوروا على من يستغل حاجتكم. المقاطعة الاقتصادية هي سلاحكم الذي تستطيعون من خلاله كسر شوكة الطمع والجشع. إنها دعوة لكل فلسطيني شريف، أن يقف في وجه هذا الظلم وأن يساهم في بناء اقتصاد وطني قائم على العدالة والتضامن والحس الوطني.
هذه المقاطعة لن تكون سهلة، ولكنها بالتأكيد ضرورية لمواصلة الضغط من خلال الامتناع عن الشراء من التجار المحتكرين ستضع حداً لاحتكارهم وستعيد السوق إلى مساره الطبيعي. فهذا الشعب الذي يقف في وجه أعنف الاحتلالات، قادر على التصدي لمن يتاجرون بمعاناته ويمتهنون استغلاله.
https://whatsapp.com/channel/0029VamdsmyAzNbyhF3pjt1Y