ثقافة

الكاتب د. شفيق التلولي يكتب: العطاء لا يرتبط بالموقع فقط، وإنما هو خصلة مرتبطة بشخصية المرء وسلوكه ونواياه 

الكاتب د. شفيق التلولي يكتب: العطاء لا يرتبط بالموقع فقط، وإنما هو خصلة مرتبطة بشخصية المرء وسلوكه ونواياه 

أن تكون في موقع مسؤولية، وتبذل كل جهد ممكن لتحقيق المهام المعلقة بعنقك، ليس أمرا سهلا، سترمى بمئات الحجارة، وتتلقى مئات الصفعات والطعنات، لكنك ملزم بالوقوف أمام الأمواج العاتية، ليس بسيفك، وإنما بعملك وبجهودك المخلصة تجاه مسؤولياتك، وكلما حققت إنجازا يصب في صالح العمل والهدف، كلما ازدادت حماستك لتحدي الصعوبات والعثرات التي تعترض الطريق.

لا يخفى على أحد حجم المعضلات التي واجهت وتواجه الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين منذ تأسيسه حتى يومنا هذا، تتابعت وتناوبت الأمانات العامة، تغير الأشخاص، قدم كل منهم ما رآه ملائما لمكانته، هناك من ترك بصمة عريقة لا يمكن محوها، ومنهم من اجتهد وأخطأ، وخسر الذكر الطيب، فكل مسؤول من مكانه يملأ صحيفته بما يعمل خلال ولايته، ولذلك عبء ثقيل أن تملأ الصحيفة بما يترك بصمة الرضا.

لكن رضا الناس غاية مستحيلة، مما يجبر المرء أحيانا على الصمت والنأي بالنفس عن خوض ترهات الجدال وصراعات الأمزجة والأهواء، وأحيانا أخرى يضطر أن يشرح الرؤية من زاويته، ليس من أجل المناكفة، وإنما كنوع من الواجب تجاه الزملاء المخلصين والمبدعين المجتهدين لتحقيق فعل ثقافي راسخ ومختلف عن المألوف.

وربما ما أكتبه الآن، هو بيان نوايا صادق، أراه واجبا للأصدقاء والزملاء الذين منحونا تلك الثقة، ودعمونا وحفزونا دوما لنقدم أفضل ما لدينا، هناك يا أصدقاء من يسعى للمنصب ليحقق مكاسبه الذاتية فقط لا سواها، وهناك من يطمح لموقع من أجل أن يعمل ويضيف لهذا الموقع بجهود وطاقة عمل يتوسمها في نفسه، وشتّان ما بين هذا وذاك، فالطموح للموقع ليس عيبا ولا عارا، بل والانتفاع بالموقع من حيث الخبرة والتجربة الشخصية والإبداع هو أمر محمود وليس مذموما، لكن العيب هو الجلوس مع حمل لقب صوري بلا جهد يُبذل، ولا حضور يسجَّل، ولا عطاء يذكر، قد نختلف في كثير من زوايا الرؤية مع الزملاء، لكننا لا نتعامل مع تلك الخلافات بالإطار الشخصي، وإنما عبر إطار نقابي، وعبر الفعل الثقافي؛ لأن تلك هي مهمتنا التي لا ننحرف عنها، السعي نحو النهوض المستمر بالاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، انتقاء ما يلائم كيانا ثقافيا تاريخيا، والتخلص من كل سلوك غث يسئ للمبدعين والمثقفين، وتجاه هذا الواجب الأخلاقي الجماعي، نجد أننا نجابه الكثير من الصعوبات والعراقيل التي توضع دون سبب، أو مبنية على افتراضات غير منطقية، دون إدراك للحقائق، مما يحبط المرء في موقعه، وكأن هناك من يقول: انشغلوا بالهوامش واتركوا المتن، لا تحققوا منجزات ثقافية، لا تبذلوا جهودكم من أجل الكتاب والمبدعين، تلك المحبطات المحيطة إن لم نجابهها يدا بيد، سنجد أن الجميع ينتظر تحقيق المنصب، والارتكان للموقع وكسب لقب يضاف للسيرة الذاتية، دون فعل يحقق تغييرا على أرض الواقع، يشعر به أصحاب الشأن من الوسط الثقافي، والذين ينتظرون من أعضاء الأمانة العامة القيام بواجبات تبدو خارقة أحيانا حين تعرف الحقائق.

ولذلك أجد من واجبي أمام كل ظنون السوء، والاتهامات والكولسات، أن أقول للملأ، إنني شخصيا أرى في الانتخابات استحقاقا واجبا، وعندما يحين وقتها سأكون أول من يطالب بعدم تأخيرها، فإن كنا أهلا لمهمة العطاء حينها فالكتاب أصحاب حق الانتخابات هو أصحاب الكلمة الفصل، وإن لم نكن أهلا للمهمة، سأكون مباركا لمن يتولى ذلك الواجب داعيا له بالتوفيق أمام هذا العبء الثقيل، وشخصيا لا أرى في المطالبة بإجراء انتخابات الأمانة العامة لاتحاد الكتاب، وفي وقته المفترض، أي مشكلة أو خلاف حول ذلك، ومن يعتقد أنني من الممكن أن أكون عقبة في طريق إجراء انتخابات نزيهة كاملة الشفافية فهو مخطيء تماما، ولا أريد أن أقول وصفا آخر، فنحن مع إجراء الانتخابات في موعدها، والكلمة والحكم الفصل لأعضاء الجمعية العمومية، الذين يقدرون جهدنا بفضل الله تعالى ويلاحظون ما قدمناه، مع مراعاة ما تحدده اللوائح والأنظمة وما ترتئيه المرجعيات أصولا؛ إذ إن الاتحاد إحدى المنظمات الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

هذا هو واجبنا والتزامنا الأخلاقي الذي لا حياد عنه، لن نتوانى عن خدمة الثقافة وخدمة الأدب الفلسطيني بلا كلل أو ملل، فالعطاء لا يرتبط بالموقع فقط، وإنما هو خصلة مرتبطة بشخصية المرء وسلوكه ونواياه.

حفظ الله الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، حاضنة شرعية لا بديل عنها، و حفظ كل من يسعى للنهوض بهذه الحاضنة نحو الأفضل.

الكاتب شفيق التلولي

زر الذهاب إلى الأعلى