ملفات اليمامة

الوقت والشعر والحرب..

بقلم ناصر رباح-غزة

الوقت مقياس نسبي في الحياة وأكثر سيولة في النص..النصوص لا تكترث بالوقت الذي يمكن قياسه، فهي غالبا نوستالجيا يمتد فيها الماضي إلى الحاضر ويؤثر فيه، وأما وصفاً للحاضر الذي يتطاول ليسبق المستقبل، كرؤية واستشراف.
هناك نصوص تتغنى بالحكمة والشعارات وهي تتوهم البقاء والثبات فيما تنكرها طبيعة الحياة المتغيرة.
القصيدة التي تبقى وتمتد على مر العصور هي التي تمتلك خصائص الجمال اللغوي والتصوير والتركيب وأما الحمولة الفكرية مهما كانت فهي قابلة للنقض.
في غزة وفي الحرب ينتحر الوقت حيث يقاس الوقت بالشهداء( من نص: الحرب التي لا تنتهي) لا وقت للوقت (م. درويش). ربما تكررت في غزة على أفواه الكثيرين مقولة: سرقني الوقت.
حيث يصل الشعور بالوقت إلى الصفر، فيما يمر العام والعامان ولا نشعر بأنهما مرا من حيواتنا.
أيضاً وأظن بشكل كبير أن سنوات الحرب هي ثقب زمني أسود سيبتلع بقية حياتنا حيث سنظل مرتهنين حتى بعد انتهاء الحرب إلى تلك الساعة المتوقفة، ولن نتخلص من أثرها النفسي والمعنوي.
ولست مندهشاً من أن تشبيه الساعة المعطلة والانتظار قد قفزا أكثر من مرة في كتاباتي عن الحرب.


” يمشي معي بطيئاً كساعة معطلة”
من نص طيور الكراهية.
” أصابع الحرب الطويلة كساعة معطلة”
نص أوامر إخلاء عسكرية.
“تشعل النار في خشب الانتظار”
نص الطاعون
” وحدها تنتظر الأم”
نص مطر الليل


الشعور بكراهية الحرب وأن تكون ضد كل مشاهدها و جنونها والمعاناة الناجمة عنها، ضد آلام الناس وموتهم وعذاباتهم يصل بالشاعر إلى رفض الزمن بكليته، حالة إنكار زمني، والدخول في ما يشبه البيات الزمني التام حتى نهاية الحرب.
الأخطر من ذلك أنني أعتقد أن الشعر في غزة، وربما في المنطقة العربية لن يتخلص من قيد لحظة الحرب بسهولة، سيظل الشعر في غزة والأدب عموماً كغزال جريح مقيداً بحبال الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى