
وصية الرمل، وحروف متشظية كتابان جديدان للكاتب عبد الرحمن الكرد
بقلم: ناهـض زقـوت/ كاتب وناقد
ما زالت دور النشر الفلسطينية تنشر كتاباً، وما زال الكتاب يثرون المشهد الثقافي الفلسطيني بمزيد من الإبداع، وهذا يؤكد على حيوية المشهد رغم الآلام التي يحملها الشعب الفلسطيني جبالاً، وخاصة في قطاع غزة.
أهدنا الصديق الكاتب عبد الرحمن الكرد كتابان جديدان من كتاباته صدرا في قطاع غزة عن دار الكلمة للنشر سنة 2022، كتاب (حروف متشظية) وكتاب (وصية الرمل) وهما كما جنسهما على الغلاف نصوص.
كتب على غلاف كتاب حروف متشظية قائلاً: وشوشة عطر .. زنابق وعنبر، صهيل فرح، وترنيمة سحر، فراشات لعوب .. وبجع البحيرات، انسكاب نور وضياء .. الصبايا عطر الحكايا، الجميلات سيدات الكون.
وعلى غلاف كتاب وصية الرمل كتب يقول: وجع الكلام يطفئ قرنفلة القلب، ذاكرة البكاء تعزف نزف الحياة، ترسم بالآه حظوظ البشر، نايات الوجد تعتصر المشيب، تلوح للغروب أغنية المغيب.
لقد كتب عبد الرحمن الكرد نصوصه في قالب شعري بما يشبه قصيدة النثر، في محاولة للتعبير عن ذاته وعن الواقع الذي يحيا في ظله، لهذا جاءت نصوصه متعددة الرؤية وبعيدة عن المباشرة يغلب عليها التكثيف والرمزية، وقد ركز على القضايا الإنسانية التي تحاكي الواقع وعبر عن مشاكله وقضاياه.
وقدم لكتاب وصية الرمل الدكتور الراحل سعد العزايزة قائلاً: “استطاع بعض الشعراء أن يكونوا مرآة انعكست عليها خارطة الحياة ومرها سياسياً واجتماعياً وثقافياً، حيث تمكن الشعراء أن يعبروا بعواطفهم الجياشة ما يختمر في قلوبهم وعقولهم”. وقد حمل كتاب وصية الرمل أربعة وأربعين نصاً شعرياً، بث الكاتب من خلالها همومه الإنسانية والعاطفية، ورؤيته للواقع.
وقدم لكتاب حروف متشظية الإعلامي والمثقف الصديق محمود المسلمي قائلاً: كلما قرأت نصاً شعرياً من النصوص المتعددة الموضوعات التي يبدع فيها الشاعر عبد الرحمن الكرد تساءلت ماذا يريد الشاعر؟، لماذا يستخدم مفردات وتراكيب صعبة على الافهام؟. … فشاعرنا كسر حدود الكلمات والجمل والمعاني المعروفة والمتداولة ليفرض معنى جديداً، فبمنهجه هذا اتضح أن النص لديه يولد معاني في كل قراءة له، فالمعاني متشظية ومبعثرة تحتاج إلى جهد من كل قارئ لتركيبها كي تكون نصاً مبهراً”. وقد حمل هذا الكتاب اثنين وأربعين نصاً شعرياً.
لقد أبدع الكاتب عبد الرحمن الكرد في تشريح الواقع، وتقديم تصوراته لهذا الواقع المليء بالآلام والهموم، فنجد “غزة ترتحل شواطئها، لتعانق كف القمر، تغزل من صدف الأمنيات، شارة حرية”. وفي غزة على مرمى حرف يقول: القابضون على مقصلة الحرف، يتربعون في ظهيرة العبارة، يلوحون بأكفهم، فينهمر الجمر، يكنسون الغبار عن تجاعيد الخيبة”. وهذا الواقع “ليس كل ما تراه، بالحقيقة تراه، ببساطة، اترك لجناحيك العنان، وكن على قيد الحلم ..، سمائي رخوة، خطواتي مرتبكة، حدودي ما بين طلقتين”.
وجاءت لغة النصوص الشعرية معبرة عن تجربة الكاتب/ الشاعر عبر الصور والأخيلة والأصوات، وتستمد قيمها مما توحي به لا مما تخبر عنه، فلا تهتم بما تفرضه القواعد والأعراف وتقاليد الكتابة، فقد تشكلت هذه الرؤيا على التقاط الهم العام والتعبير عنه بحرارة فردية، وبذلك ازاح الحدود الفاصلة بين الخاص والعام والذات والموضوع.