NKRISLOT : SITUS SLOT777 WEBSITE PENCETAK REKOR KEMENANGAN TERBESAR 2025
NKRISLOT : Situs Slot Online Gacor & Slot777 Situs Gampang Menang Hari Ini
nkrislot
pakde4d
pakde4d
PAKDE4D : Situs Togel Online Hk Lotto Result Angka Togel Hk Paling Akurat
PAKDE4D
نصوص

لم أصفع أحدًا بعد

بقلم: نور الهنا -كاتبة عراقية

كانت الثانية ظهرًا، والمدينة تشتعل كما لو أن الشمس على موعد شخصي مع جلدنا.
خرجتُ من العمل، رأسي يكاد ينفجر كقدر ضغط نُسي فوق النار.
لم أكن أعرف إلى أين أذهب، فقط أردت أن أزجّ أناي في مكان لا يعرفني فيه أحد.

دلفتُ إلى مطعم صغير، وجلستُ في الزاوية.
رميتُ حقيبتي على الطاولة، تبعثرت الأوراق، وتناثرت أفكاري مثلها.
تنفستُ الصعداء، واستعدتُ مشهد الصباح:

كان عليّ أن أقول لتلك المتعجرفة:
“سحقًا لكِ، أنتِ لا تملكيننا!”
وكان ينبغي أن أصفعها بكل ما تبقّى في روحي من كرامة.
لكنني… لم أفعل.
اكتفيتُ بالتحديق من خلف الزجاج، بينما كانت تهين زميلتي الجديدة كأنها لا شيء.
وقفتُ متسمّرة كالبلهاء ، عاجزة، لا كلمة خرجت، لا نظرة انكسار ولا احتجاج.

مقالات ذات صلة

ربما لم أكن بلهاء كما وصفت نفسي، لكن البشر أحيانًا يعودون إلى طباعهم البدائية،
والمواقف المتكررة تصهر الجزء اللين فينا، حتى نصبح أصلب من الحجارة،
لا شيء يهزنا بعدها، لا إهانة، لا نظرات، لا همسات.

كنتُ أحدق في الطاولة، عقلي مشوش، وقلبي يئن.
لفت نظري مشهد صغير لعائلة على الطاولة المجاورة:
رجل، وامرأة، وطفل صغير يلهو بجندي ودبابة.

الطفل كان يضحك، والجندي الصغير يوجّه بندقيته نحو الأم،
أما الأب… فقد كان مشغولًا بالنادلة.
يراقبها بعين متسلقة، طويلة، رشيقة، شعرها الأسود يلمع وهي تتنقل بين الطاولات.
بينما زوجته، تجلس بصمت، تلبس عباءة وقطعة سوداء تغطي وجهها.
ربما لا تغطيه التزامًا، بل لتخفي كدماتٍ ما، أو حزنًا قديمًا لم يبرأ.

في تلك اللحظة، أخرجتُ دفتري المعتاد، رفيقي حين تختنق أفكاري.
بحثتُ عن قلمي في فوضى حقيبتي، لم أجده.
فأخرجتُ قلم كُحل وكتبت:

“مريم ذات النقاب الأسود”

حدّقت في الجملة طويلًا، كأنها نافذة على حياة كاملة لا أملك فيها سوى عنوان.
رفعتُ بصري نحوها لأكمل تخيّلي…
لكن نظرات الرجل اخترقتني فجأة.
كان يرمقني كما رمق النادلة.
نفس النظرة المتسلقة، الشرهة، الوقحة.

تجمّدتُ.
أنا؟!
أهي أنا المتعة الجديدة؟
سحقًا له…

لم أحتمل.
هممتُ بجمع أغراضي المبعثرة على الطاولة،
أوراق، حقيبة، دفتر،
كلها شواهد على لحظة خذلت فيها نفسي مرتين:

مرة في العمل،
ومرة أمام نظرات لا تستأذن.

خرجتُ من المطعم مسرعة.
استقبلتني شمس بغداد بلسعة لا ترحم.
امتزج الحر بالصخب، وضجيج السيارات بدخان القهر.
لكنني كنتُ أمشي، أمشي بلا وجهة، وكأنني أحاول اللحاق بنفسي التي تركتها هناك…

ربما في الغد سأتعلم كيف أصفع،
كيف أصرخ،
كيف أقول: “لا!”

لكني حتى اللحظة،
لم أصفع أحدًا بعد.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى