مقالات رئيس التحرير

إطلالة على رواية “صهيل مدينة” للروائي مصطفى النبيه

إطلالة على رواية صهيل مدينة للروائي مصطفى النبيه

بقلم: جواد العقاد/ رئيس التحرير

لغة مصطفى النبيه في رواية “صهيل مدينة” مشحونة بالغضب والتوتر، مما أكسبها قدراً عاليّاً من الشعريّة تحقق من خلال الصدق العاطفي، وبُعد الرواية عن التكلف تماماً. مع أن الأحداث مُستلهَمة من مسيرة الشعب الفلسطيني ومآسيه المتكررة، إلا أن النبيه تخلَّص من سطوة التاريخ، ولعلَّ ذلك يرجع إلى سببين لا ينفصلان- من وجهة نظري-، الأول: الرؤية القومية والوطنية الواضحة عند الروائي النبيه، وإصراره كلَّما سنحت الفرصة بين ثنايا الرواية على قول الحقيقة دون مهادنة ولا مواربة، وبهذا امتلكت الرواية رؤية خاصة تجاه القضية الفلسطينية تمثلت في دفاع الروائي عن مجموعة من القيم التي يؤمن بها.
أما الثاني: محاولة النبيه في هذه الرواية كسر صورة المناضل الفلسطيني النمطية الأسطورية وتصويره على أنه إنسان عادي يصيب ويخطئ، يضحك ويبكي، إلخ… مما جعل الرواية تتميز بالنزعة الإنسانية.

لم يُقسِّم الروائي النص إلى فصول، كأنه يريد القول إن الحياة في هذه المدينة متشابهة، المأساة نفسها، البحث عن الخلاص مستمر، والصهيل لا ينقطع. جاءت الرواية صرخة واحدة في وجه الخراب والدمار والاحتلال وتجارة المبادئ والقيم، ومع ذلك لم يفقد الروائي الأمل بحيث أنهى روايته قائلاً “تستمر الرواية مع الباحثين عن الحياة”. إنها دعوة لمواصلة الكفاح من أجل حرية الإنسان وكرامته وصولاً للتحرر من الذات أولاً، وتحرير البلاد ثانياً.

وأخيراً: مصطفى النبيه روائيٌّ من طراز خاص، متمكن من أدوات الرواية والسرد، وأهم ما ميَّزه في صهيل مدينة لغته الجميلة، وفي ذات الوقت واضحة كحدِّ السكين، إضافة إلى أنه استطاع تخليص رؤيته من الأيديولوجية والانحياز، ولم ينحاز سوى للوطن والإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى