بيان” مناصرة فلسطين” في اعتصام العدو يستبيح الأمة

بيان جمعية (مناصرة فلسطين) البحرينية ألقاها الأستاذ عمار العباسي، في اعتصام ” العدو يستبيح الأمة” المنظم في البحرين بمنطقة العدلية،يوم الجمعة الماضي الموافق 4 أبريل 2025.
نص البيان:
لقد نَفِد الكلام، وانطفأت الأصوات في صدور الناس، وتآكلت المناشدات حتى صارت أصداءً تائهة في سراديب العجز العربي والإسلامي. أشهرٌ طويلة مضت وغزة تستغيث، ونحن نعيد ذات العبارات، ونرفع ذات النداءات، ونكرر ذات المقولات والأفكار، ولكن الجميع أدمن حالة العجز والانتظار ومشاهدة الموت اليومي.
ما عاد في جعبة البيان شيء يُقال. الإبادة مستمرة، المشاهد تزداد بشاعة، والمجازر تتوالى. وتحولت غزة إلى مسلخ بشري متلفز أمام مليارات لا يشغلها شيء سوى خلاصها الفردي، وكل الحديث عن الإنسانية التي تحب الخير وتميل إليه لا يمكن جمعها مع رؤية تقوم على المادية النفعية، لأنه في النهاية الكل يريد إيقاف الإبادة ولا أحد يريد التضحية.. وكل يوم تضاف أرقام جديدة إلى قائمة الشهداء والجرحى والأيتام والأطراف المبتورة والأحلام الضائعة، ولا شيء يتغير. بات العجز مطبقًا، وسحابة اليأس أطبق ظلامها، والضيق والكدر أثقل الصدور، فهل انتهت القضية؟ هل طُمست فلسطين كما طُمست قضايا كثيرة قبلها؟
لا، لن ينتهي الطريق هنا، ولن يكون هذا الطغيان خاتمة القضية. فإن كان حالنا اليوم هو السكون المخزي، فإن تحت النار رمادًا يتحين فرصة الاحتراق، وأن هذا الطغيان في توسعه وتوحشه يرسخ لدى الأمة والأجيال أن الحقوق ستُستعاد بالقوة والردم والهدم عليه لا بالبكاء على الأطلال. فإن مشاهد الموت اليومي وإن كانت تشعرنا باليأس الآني إلا أنها تذكي شعور الانتقام وعدم النسيان، واليقين بأنه يجب أن تزول إسرائيل من الوجود، وإن كان اليوم قد كشف ضعفنا، فليكن هذا الضعف وقودًا ليوم نفض الغبار، وإعداد العدة. فدرس غزة أن هذا الكيان مهما تجمل وجمله العالم سيبقى مغروسا في الدم متمثلا بالشر المطلق الذي مناص من إغراقه في ظلمه. وأن سنة الله الجارية في الخلق لابد آتية ليشفي صدور قوم مؤمنين.
ثم، لمن دبّ فيه اليأس وظن أن الكيان الغاصب بات حقيقةً أبدية، فليتأمل التاريخ القريب. هل نسيتم الاحتلال النازي لأوروبا؟ كيف اجتاح جيوشًا وأخضع دولًا، حتى ظن الجميع أن قبضة النازية لن تنكسر؟ لكن ما لبث أن تهاوى تحت ضربات أعدائه وتكالب الأزمات الداخلية، حتى سقط وانتهى كابوسه إلى الأبد. وهل نسينا المغول؟ كيف اجتاحوا نصف العالم، وأسقطوا عواصم كبرى، وظن الناس أنهم لا يُهزمون؟ لكن سرعان ما انهارت إمبراطوريتهم، وتفككت قوتهم رغم جبروتهم العسكري.
بح صوت الجميع ونحن نقول إن هذا الكيان لا يهدد فلسطين وحدها، بل يستبيح الأمة بأسرها، ولا يردعه إلا القوة والمقاومة. ها هو اليوم يوسع عدوانه على سوريا ولبنان وبالدعم الأمريكي يستهدف اليمن، ويستبيح سماءهما، ويضرب أينما شاء في بلادنا بلا رادع. وها هو ينتهك الاتفاقيات التي وقّعها مع مصر، وينكث عهوده في اتفاقية الهدنة، ضاربًا بكل التفاهمات عرض الحائط. وفي الضفة الغربية، يستمر في التهجير والقتل، محاولًا إخماد جذوة المقاومة التي لم تنطفئ، كما يستهدف القدس أيما استهداف، فتسارعت لديه وتيرة الهدم بها مؤخرا، بالإضافة لاقتحام المسجد الأقصى وإهانة المقدسات الإسلامية.
لكن رغم هذا التوحش، فإن هذا الكيان يعلم أنه ما دام هنالك نفس مقاوم فهو إلى زوال، وعما قريب ليصبحن نادمين. بالأمس تنضم درعا لقتاله وتطرد جحافله لتأكد أن الأمة ما زالت قادرة على الدفاع عن نفسها متى وجدت العزيمة والنخوة.. وغدا تنضم غيرها لأن لا مناص لاجميع من قتال الكيان، فهو سيجبرهم على ذلك فهو لا يعرف سوى العدوان.
وهذا الكيان الذي يعتاش على المساعدات الخارجية والدعم سيبقى ثقبا يستنزف اقتصاد الغرب، وتنهشه خلافاته، وينخره الضعف من أساسه، وتفقد أجياله الجديدة قدرتها على تحمل تبعات هذا الاستنزاف، وعما قريب نراه يتهاوى، ونرى سنة الله في الظالمين. وما هذه الحروب إلا إرهاصات نهايته المحتومة.
سنشهد ذلك اليوم، وكل ما علينا: أن نكون مستعدين. أن ندرك عجزنا اليوم لنتجاوزه غدًا. أن نترك الأوهام ونتهيأ لدورنا الحقيقي. وأن نكون جزءًا من المعادلة.
وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.


